الاثنين، 18 مايو 2009

حكاية بشارة ومنديل الشيخ عمارة - لصلاح ابوشنب



حكاية بشارة ومنديل الشيخ عمارة

جلس بشارة فوق كومة من الواح الخشب الزان فى باحة قشلاق سيدى جابر ، حزينا يفكر ، التقاه الاسطى جاد فربت على كتفه وسأله عما يشغله ، قال بشارة : فشلت خطوبتى من ناريمان يااسطى جاد ..طمئن جاد بشارة ببضع كلمات ، لكن بشارة لم يقتنع فطلب جاد ارجاء الموضوع حتى نهاية العمل عسى أن يجد له حلا.
بعد انتهاء العمل فى القشلاق اصطحب الاسطى جاد بشارة الى عزبة قريبة من حجر النواتيه ، حيث توقفا أمام منزل متهدم ، طرق جاد الباب الخشبى المنتهى الصلاحية . تناهى الى اسماعهما صوت خافت لعجوز تقول : اسحب الدوربارة يامن بباب الحارة ....
امرأة عجوز عمياء تجلس فى نهاية ركن المدخل ، اقبل عليها الاسطى جاد وقبل يدها ، تحسست المرأة كتفى المنحنى أمامها بعد أن أمررت أصابع يديها برفق فوق قسمات وجهه ثم قالت مرحبا بك يا جاد يا ولدى ، لقد انقطعت عنا وقتا طويلا . سألها جاد عن ابنها عمارة فأشارت الى الغرفه المجاورة .
غرفة رطبة مظلمة ذات ارضيه واطئه وجدران مشبعة ببقع الملح من شدة الرطوبه ، ليس بها سوى اريكة اسطنبولى مهشمة ، نظر بشارة فرأى رجلا عجوزا قد انحنى ظهره وطال شعر رأسه يرتدى ثوبا باليا ، ويضع فوق عينيه نظارة بلا أذرعة ربطت حول رأسه بدوبارة سميكه ، كان يجلس أمام قرص من الخشب محمول فوق قطعتين من الحجر ، وفوقه كومة من الاوراق والأحبار والأبخره والمباخر ، والعظام وجلود حيوانات ، روى الاسطى جاد لعمارة قصة بشارة ، فهز رأسه .. صعب أن يكون لك نصيب على تلك الفتاة يا بشارة ، لكن بشارة لم يقتنع وألح عليه أن يفعل شيئا .
طلب عمارة منديل قماش من بشارة فعلقه على الحائط ، بعد أن طلب من بشارة أن ينفث فيه ، تمتم ببعض كلمات غير مفهومات

.. كتب اسم بشارة واسم محبوبته وأسم والدتها خلف المنديل الأبيض ، على الفور تحول المنديل الى شاشة مرئية ظهرت من خلالها البنت ووالدتها يجلسان فى منزلهما ، كاد جاد وبشارة أن يصعقا من هول ما رأيا ، فالناس وقتها لم تكن تعرف شيئا اسمه التلفاز ، لكن بشارة الذى قد لا يبالى به احد ، وربما لا يلتفت اليه انسان ، تلفز المنديل القماشى بكلمات غير مفهومات سبقت تكنولوجيا العصر، وأذهلت العقل . قال بشارة مبتهجا : لو تم هذا الامر فسوف اهديك مكتبا من خشب الزان لم يصنعه احد من قبل . هز عمارة رأسه بالنفى وقال : غدا عطلتك الاسبوعيه يا بشارة تزين زين وحنــّى اليدين ولا تبرح البيت الا صباح الأثنين .
فى عصر اليوم التالى طرق على باب الشقه ، وكانت المفآجأة ، تلك ناريمان بالباب بمفردها ، رحبت بها والدة بشارة وهشت لها وبشت ، وكاد بشارة أن يطير من الفرح ، قالت ناريمان بصوت سمعه بشارة الذى كان يجلس فى الحجرة المجاورة انها على استعداد للزواج من بشارة حتى لو رفض أهلها ، لكن والدة بشارة رفضت ذلك المنطق وأفهمتها أن موافقه اهلها فى المكان الاول ، فان النسب للاصل قبل الفرع ، وموافقه الوالدين والاهل من الشرع . فى اليوم التالى كان بشارة فى عرض الشارع يتلقى علقة ساخنة بالعصى من أخوتها حتى كاد أن يلقى مصرعة لولا تدخل اهل الحارة ، وكانت السبب خزعبلات الشيخ عمارة .


**- صورة الجن منقولة من منتديات ملاك الروح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق